باب المؤنث من كتاب شرح كتاب سيبويه // السيرافي.
هذا باب تسمية المؤنث // كتاب شرح كتاب سيبويه للسيرافي.
قال سيبويه : " اعلم أن في مؤنث سميته بثلاثة أحرف كان منها حرفان بالتحريك لا ينصرف ، فإن سميته بثلاثة أحرف ، فكان الأوسط منها ساكنا ، وكانت شيئا مؤنثا ، أو اسما الغالب عليه المؤنث ، كسعاد ، فأنت بالخيار : إن شئت صرفته ، وإن شئت لم تصرفه ، وترك الصرف أجود ، وتلك الأسماء نحو (قدر) و (عنز) و (دعد) و (جمل) و (نعم) و (هند).
قال أبو سعيد : هذا الباب مشتمل على ثلاثة أشياء.
منها : أن يسمى المؤنث باسم على ثلاثة أحرف ، وأوسطها متحرك وليس الحرف الثالث منها بعلم تأنيث ، وذلك لا خلاف بين النحويين إنه لا ينصرف في المعرفة ، وينصرف في النكرة ، كامرأة سميتها بقدم ، أو حجر. أو عنب أو ما أشبه ذلك ، مما أوسطه متحرك.
والثاني : أن يسمى المؤنث باسم كان مؤنثا قبل التسمية ، أو الغالب عليه أن يسمى به المؤنث وأوسطه ساكن.
فالاسم المؤنث قبل التسمية نحو قدر وعنز.
والاسم الغالب عليه أن يسمى به المؤنث وإن لم يعرف قبل التسمية (دعد) و (جمل) و (هند).
فهذه الأسماء لا خلاف بين المتقدمين أنه يجوز فيها الصرف ومنع الصرف
والأقيس عند سيبويه ترك الصرف ؛ لأنه قد اجتمع فيه التأنيث والتعريف.
ونقصان الحركة ليس مما يغير الحكم وإنما صرفه من صرفه ؛ لأن هذا الاسم قد بلغ نهاية الخفة في قلة الحروف والحركات ، فقاومت خفتها أحد الثقلين.
وكان الزجاج يخالف من مضي ، ولا يجيز الصرف فيها ويقول : قد أجمعوا على أنه يجوز فيها ترك الصرف.
وسيبويه يرى أن تركه أجود ، فقد جوزوا منع الصرف واستجادوه ، ثم ادعوا الصرف بحجة لا تثبت ؛ لأن السكون لا يغير حكما أوجبه اجتماع علتين يمنعان الصرف.
والقول عندي ما قاله من مضي ، ولا أعلم خلافا بين من مضي من الكوفيين والبصريين ، وما أجمعوا على ذلك عندي إلا لشهرة ذلك في كلام العرب. والعلة فيه ذكرت.
وقد رأيناهم أسقطوا لقلة الحروف أحد الثقلين وذلك إجماعهم في" نوح" ، و" لوط" أنهما مصروفان ، وإن كانا أعجميين معرفتين لنقصان الحروف.
ومن حيث كان نقصان الحروف مسوغا الصرف ، فيما فيه علتان سوغ ذلك أيضا بنقصان الحروف والحركة في المؤنث.
والثالث مما ذكرنا اشتمال الباب عليه أن يسمى المؤنث باسم مذكر ، على ثلاثة أحرف وأوسطها ساكن ، نحو : امرأة سميت بزيد ، أو عمرو.
قال أبو سعيد : وقد اختلف في هذا من مضي فكان قول أبي إسحاق ، وأبي عمرو ، ويونس ، والخليل وسيبويه أنه لا ينصرف ورأوه أثقل من" هند" ، و" دعد".
قال سيبويه : لأن المؤنث أشد ملاءمة للمؤنث ، والأصل عندهم أن يسمى المؤنث بالمؤنث كما أن أصل تسمية المذكر بالمذكر.
قال أبو سعيد : كأن سيبويه جعل نقل المذكر إلى المؤنث لما كان خلاف الموضوع من كلام العرب والمعتاد من ألفاظهم ثقلا ، تعادل به الخفة التي بها صرف هندا.
وكان عيسى بن عمر يرى صرف ذلك أولى.
وإليه يذهب أبو العباس المبرد ؛ لأن" زيدا" وأشباهه إذا سمينا به المؤنث فأثقل أحواله أن يصير مؤنثا ، فيثقل بالتأنيث.
وكونه خفيفا في الأصل لا يوجب له ثقلا أكثر من الثقل الذي في أصل المؤنث.
تعليقات
إرسال تعليق