باب الإضافة إلى كل شيء كان من بنات الياء أو الواو// من شرح كتاب سيبويه// السيرفي

هذا باب الإضافة إلى كل شيء كان من بنات الياء أو الواو

قال أبو سعيد : اعلم أن كل ما كان على ثلاثة أحرف وثالثه ألفا مما أوله مفتوح أو مضموم أو مكسور فالنسبة إليه تقلب الألف واوا ، وإن كانت منقلبة من ياء كقولك في النسبة إلى رجا رجويّ ، وإلى فتى فتويّ ، وإلى حصا حصويّ ، وإلى هدى هدوي ، وإلى معى معوي. ولم يجعلوه ياء فيقولون حصييّ ورحييّ لاجتماع ثلاث ياءات مع الكسرة. قال سيبويه : كرهوا توالى الياءات والحركات وكسرتها فيصير قريبا من أميّيّ.

قال أبو سعيد : وأميي وإن كان مكروها فإن بعض العرب يقول في النسبة إليه أمييّ ويحتمل الثقل ، وأما رحيي فلا يقوله أحد ، والفصل بينهما أنّ مثل أميّ وجريّ قد يستعمل قبل النسبة ، فأما رحيّ فغير مستعمل ؛ لأنه يلزم قلبها ألفا فكرهوا أن يحتملوا الثقل في لفظ غير مستعمل في الواحد ، وأما رحوي وحصوي وما أشبه ذلك وإن لم يستعمل حصو قبل النسبة فإن الثقل في الواو وياء النسبة أقل من الياءات.

__________________

(1) البيت من شواهد سيبويه : 3 / 341 ، 2 / 72 ، المحتسب : 1 / 134

(2) انظر ابن يعيش : 5 / 153.

وإذا نسب إلى فعل وفعل واللام ياء فتحت عين الفعل فقلبت في عم عمويّ ، وكلهم يقول في شج شجويّ ؛ وذلك لأنهم فتحوا عين الفعل من فعل في الصحيح كقولهم في نمر نمري وفى شقر شقري وفي الحبطات حبطيّ ، فلما كان الفتح في الصحيح واجبا كان في المعتل أوجب لئلا تتوالى كسرتان وثلاث ياءات أو واو وياءان إن قلبنا الياء واوا.

والذين قالوا في تغلب تغلبي شبهوه في المكسور بنمري.

وقال أبو العباس جواز ذلك مطرد ، وعند الخليل أنه من الشاذ وقد مضى الكلام في ذلك.

فإن كان على أربعة أحرف وتحركت الثلاثة الأحرف كلها لم يجز فتح الحرف المكسور الذي قبل الأخير منها كقولنا في النسبة إلى علبطي وجندليّ ، والعلة في ذلك أنّا إنما قلنا في النمر نمري ؛ لأنا لو بقينا الكسرة فقلنا نمري لاجتمع كسرتان وياءان وليس في الكلمة ما يقاومها من الحروف التي ليست من جنسها إلا حرف واحد وهو النون.

فإذا صار أربعة أحرف والثاني منها ساكن نحو تغلب فمنهم من يبقّ الكسرة ؛ لأن في صدر الكلمة حرفين يقاومان الكسرتين والياء المشددة ، ومن فتح لم يحفل بالحرف الثاني ؛ لأنه ساكن ولم يره حاجزا حصينا ، فإذا صار الحرف الأول والثاني متحركين قاوما ما بعدهما من الكسرتين فلم يجز غير ذلك. وتقول في النسبة إلى فعل فعليّ كقولهم في دئل دؤليّ. ولو سمي رجل بضرب لقيل ضربيّ في النسبة إليه.

وقالوا في إبل إبلي ، ويقال في النسبة إلى صعق صعقيّ ، هذا الأصل والقياس. ومن كسر الفاء من فعل إذا كان الحرف الثاني من حروف الحلق مثل شهد ورحم ولعب قال صعق ثم نسب إليه صعقي.

قال سيبويه : وقد سمعنا بعضهم يقول الصّعق صعقيّ فلم يغيره ، وكسر الصاد وهذا شاذ.

هذا باب الإضافة إلى فعيل وفعيل من بنات الياء والواو التي الياءات والواوات

لاماتهن وما كان في اللفظ بمنزلتهما

اعلم أن ما كان على هذا فإنه يستوي فيه ما كان آخره هاء وما لم يكن في آخره هاء ، والوجه في النسبة إليه حذف ياء فعيل وفتح العين منه وحذف ياء فعيل وقلب الياء واوا ؛ كقولك في عدي عدويّ ، وفي غنيّ غنويّ ، وفى قصيّ قصويّ وفى أمية أمويّ ؛ لأنهم كرهوا توالى أربع ياءات فحذفوا الياء الزائدة ، فصار الاسم على عدي ، ففتحوا كما فتحوا في عم ونمر ، وكذلك فعلوا بقصي لما حذفوا الياء الأولى فبقي قصي قلبوها ألفا فصار بمنزلة هدى وحصى ، فقالوا قصوي.

وذكر يونس أن ناسا من العرب يقولون" أميّيّ" لما كان الإعراب يدخل على مثل" أميّ" تركوا اللفظ الأول على حاله وشبهوه بالصحيح. وكذلك يقال" عديّيّ" إلا أن هذا أثقل لزيادة كسرة فيه ، وتقول في النسبة إلى حيّة حيويّ. كرهوا اجتماع ياءين مشددتين ، فبنوا حيّة على فعلة ، وهى فعلة فصار حياة ثم نسبوا إليه فقلبوا الألف واوا ، فصار حيويّ ، ونسبوا إلى حيّة بهدلة وهم من بنى سعد بن زيد مناة بن تميم حيوي.

وإذا نسبت إلى ليّه قلت لووي ، وإلى طي قلت طووي ؛ لأن هذا من لويت وتلويت وأصلة لويه ، وإذا فتحنا الأوسط وجب أن نقول لواة وطويّ ؛ لأنه يعتل الأخير ثم ينسب إليه على هذا. ومن قال أمييّ قال حييّ ولييّ ؛ لأن الاستثقال فيها واحد.

وإذا نسبت إلى عدوّ وكوة قلت عدويّ وكويّ ؛ لأنه لم تجتمع الياءات ، وإنما تبدل وتغير لكثرة الياءات فيفرون منها إلى الواو ، فإذا قدروا على الواو ولو يغيروه ، ألا ترى أنهم يقولون في النسبة إلى مرميّ مرميّ فيحذفون الياء المشددة الأولى التي هي لام الفعل وما قبلها ثم يأتون بياء النسبة ، كما لو نسبوا إلى يختيّ لقالوا يختيّ بحذف الياء الأولى وإحداث أخرى مكانها.

ولو نسبوا إلى مغزو لقالوا مغزويّ ؛ لمخالفة الواو الياء في النسبة.

قال سيبويه : " فإن أضفت إلى عدوّة قلت عدويّ من أجل الهاء كما قلت في شنوة شنئي"

وهذا هو على أصل سيبويه الذي تقدم في أن فعولة إذا نسب إليها قيل فعليّ قياسا على شنئي في النسبة إلى شنؤة.

وأبو العباس لا يرى ذلك ويقول : شنئي شاذ والنسبة إلى فعولة عنده فعوليّ ، وإلى عدوة عدويّ. وقد مضى الكلام في نحوه.

قال سيبويه : " وإذا نسبت إلى تحية قلت تحوي ، وتحيّة : أصلها تفعلة ؛ لأنه مصدر حيّ وأصلها تحيية ، ألقوا كسرة الياء الأولى على الحاء ، وأدغموا ، وصار لفظها كلفظ فعيلة ؛ لأن ثالثها ياء ساكنة قبلها كسرة فنسبوا إليها كما ينسبون إلى فعيلة.

بحذف الياء الثالثة وتبقى تحية مثل عمية في اللفظ ، فيقال تحويّ ، كما يقال عمويّ. وتقول في النسبة إلى قسي وثدي ثدوي وقسوي بضم الأول وذلك أن الأصل فيه قسوّ وثدوّ على فعول ، فلما قلبنا الواو ياء وكسرنا ما قبلها لتسلم الياء صار قسيّ وثدي ثم كسروا فاء الفعل فاتبعوا الكسر الكسر ، فإذا نسبنا إلى شيء من ذلك اسم رجل أو اسم بلد حذفنا الياء الأولى من الياءين وجعلنا الكسرة في الحرف الثاني فتحة فعادت فاء الفعل إلى ضمتها في الأصل.

فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى. ويجوز أن تقول في النسبة إلى مرميّ مرمويّ ؛ لأنا نحذف الياء الأولى الساكنة فيبقي مرمي مثل يرمي وقياسه قياس تغلب ، فمن أجاز أن يقول : تغلبيّ فيجعل مكان تفعل تفعل جاز أن يجعل مكان مفعل مفعل.

وقد قالوا حانويّ وقد ذكرناه فيما مضى.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظام البطاقات البحثية بالصور

شرح منظومة تفصيل عقد الدرر في الطرق العشر لنافع - لشيخنا الجليل محمد السحابي (7)

مشروع كتابة رواية (السكين والوردة) 1-البداية.