سحر الأقلام!




منذ اكتشاف الكتابة، ظل القلم يمثل سحرا خاصا بالنسبة لعشاقه، سال الكثير من المداد في وصفه وما يمكن أن يقدمه للحضارات الإنسانية المتعاقبة، ذكر القلم في أغلب الديانات السماوية وغير السماوية، وارتبط بالواقع كما ارتبط بالغيب، ورغم التطور السريع في وسائل الكتابة وتقنياتها المختلفة، إلا أن القلم ما يزال يحتفظ ببريقه الذي لا يضاهى، وبسحره الرائع الأخاذ.
الأقلام عبر التاريخ أنواع مختلفة، منها الطويل المسنن الذي كان يستعمل في الدواوين لكتابة الصكوك، ومنه القصير الذي كان يعتمده الشعراء في تدوين أشعارهم، وتختلف أيضا طريقة قصه من أمة إلى أخرى، فالأقلام الشرقية ومنها العربية يكون سننها مائلا بنسبة 30 درجة تقريبا ليناسب الحروف العربية، في حين تتميز الأقلام التي تكتب بها الخط اللاتيني بسماكة سننها وخشونته لتتناسب أيضا مع أشكال الحروف اللاتينية.



لم يسبق لي أن زرت معرضا متخصصا في عرض الأقلام، ولا أعرف إن كانت هذه المعارض موجودة أصلا، ولكن كل ما أعرفه أن هذه الهواية صاحبتني منذ دراستي في السنة الأولى من السلك الإعدادي، فقد كنت مهووسا بجمع الأقلام النادرة، مركزا فقط على الأقلام الحبرية السائلة وليس الأقلام الجافة، فخطي قبيح وبشع بالقلم الجاف، مع اعتذار كبير لذلك العبقري الفرنسي (Bic) الذي أخترع القلم الجاف، وما يزال قلمه يتربع على عرش أكبر المبيعات في هذا الصنف حتى الآن.



لكل قلم عندي غاية واحدة محددة، ولا أستطيع أن أكتب كل شيء بقلم واحد، فللشعر قلمه، وللنقد قلمه، وللفرنسية قلمها الخاص، وكل هذه الأقلام تشترك في كونها تعتمد المداد السائل وليس الجاف. إنه نوع من الحمق اعتدت عليه منذ عشرين سنة، ومن الصعب جدا تغييره، حتى بعد ظهور الآلة الكاتبة وشاشة الكمبيوتر.

ولكل قلم عندي اسم خاص، أعرفه به وتعرفه عائلتي، فحينما أسأل عن العكول، فلا بد أن يأتي العكول، وعندما أسأل عن محمد شكري فلا بد أن يأتي محمد شكري وهكذا دواليك. أعرف أن هذا شكل من أشكال الحمق، ولكن هي العادة، ومن الصعب جدا تغيير عادات الناس، دون أن نأخذ من نفوسهم شيئا جميلا اعتادوا عليه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظام البطاقات البحثية بالصور

شرح منظومة تفصيل عقد الدرر في الطرق العشر لنافع - لشيخنا الجليل محمد السحابي (7)

مشروع كتابة رواية (السكين والوردة) 1-البداية.